الأحد، 3 أغسطس 2014

الجذور الاقتصادية للاضطرابات الاجتماعية في اليمن !!

اليمن لا يزال أفقر بلد في العالم العربي ، إذ يبلغ متوسط دخل الفرد سنوياً 1300$ دولار على الأكثر . ويعيش مايقرب نصف السكان على أقل من دولارين يومياً. وتملك البلاد أيضاً أسوأ السجلات في المنطقة في مجال التنمية البشرية . بما في ذالك معدل يبلغ 54 % في المائة في معرافة القراءة والكتابة ، ومتوسط حياة يصل إلى 62 سنة ، ومستويات عالية من وفيات الأمهات و سوء التغذية لدى الأطفال . ويعاني اليمنيون أيضاً نقصاً في البنية التحتية وسوءاً في الخدمات المقدمة ، فيحصل أربعة من كل 10 أشخاص على الكهرباء ، وشخص من كل أربعة على مياه شرب نظيفة . وبمعدل نمو ديمغرافي سنوي يبلغ ثلاثة في المائة تقريباً ، يتوقع أن يتضاعف عدد سكن البلاد إلى 40 مليون  شخص بحلول عام 2030م . ويبلغ في الوقت ذاته مايقرب من نصف السكان أقل من 15 سنة  و 70 % في المائة منهم أقل من 25 سنة ويٌمثّل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم مابين 18 - 30  نسبة 30% في المائة من مجموع السكان  ، فيما يبلغ مايقرب من نصف السكان سن العمل .


وفيما يأخذ عدد اليمنيين في الارتفاع ، لايشهد وضعهم الاقتصادى تحسناً ، إذا أدت إصلاحات التكّيف الاقتصادى التي اجراها اليمن لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الرئيسة في البلاد بعد توحيدها في عام 1990م إلى تأثيرات مثيرة للقلق ، فالقوة الشرائية تدهورت ، وتباطأ الطلب على المنتجات المحلية وأغلقت مؤسسات تجارية أبوابها . ويٌفاقم الاقتصاد الضعيف والمعتمد على النفط التحديات الديموغرافية وتلك المتعلقة بالفقر في البلاد ، إذ تٌشكل عائدات النفط نحو 25% في المائة من الانتج المحلي الإجمالي، و 70% في المائة من عائدات الحكومة ، وأكثر من 90% في المائة من عائدات صادرات اليمن . وفشل النمو الاقتصادى غير النفطي في البلاد في الزراعة والتصنيع والتجارة والسياحة ، في اللحاق بركب الزيادة في احتياجات السكان والتشغيل . وعلى الرغم ان التدفقات الصافية للاستثمار المباشر بلغت ذروتها أوائل التسعينات ، مع إقبال المستثمرين الأجانب على استغلال احتياطات النفط اليمني ، انخفضت التدفقات لأن تكاليف الاسترداد بالنسبة إلى شركات النفط الأجنبية تجاوزت الفرص الاستثمارية الجديدة .

ونّفذت الحكومة في السنوات القليلة الماضية إصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في القطعات غير النفطية ، بما في ذالك تعديل قانون الاستثمار ، ومعاماة الاستثمارات الأجنبية واليمنية على نحو متساو ، وإعادة هيكلة الهيئة العامة للاستثمار للحد من البيروقراطية ، وإقرار تشريعات لمكافحة الفساد . ويمثل اليمن مع ذالك بيئة عمل محفوفة بالأخطار نظراً إلى عدم الاستقرار السياسي وضعف سيادة القانون ، وعجز الحكومة ، والفساد المستشري على نطاق واسع .
واحتل البلد المرتبة 146 من أصل 178 بلداً عام 2010 في مؤشر الفساد الذى تعده منظمة الشفافية الدولية .
ويعاني اليمن أيضاً من أرتفاع معدل البطالة ، إذيبلغ المعدل 16,5%  في المئة رسمياً ، على رغم أن المعدل غير الرسمي أعلى بكثير على الأرجح ، إذ يٌوقـدر معدل البطالة بين الشباب بنحو 50%  في المئة وينفق اليمن خمسة في المئة فقط من ناتجة المحلى الإجمالى على التعليم ، وحتي تلك القلة من الأشخاص الذين يحملون الشهادات الجامعية يفتقرون إلى المهارات المناسبة لتلبية الطلب في السوق . وتٌوفّر الزراعة التي لا تزال بدائية ومقّيده بسبب موارد المياة الشحيحة ، مايقرب من  30%  في المئة من فرص العمل ، ويستحوذ القطاع العام على واحدة من كل أربع وظائف . 

وعانت السياحة ، التي تمثل قطاع تشغيل رئيسياً اّخر ، من الاضطرابات السياسية كذالك . ليس مستغرباً في ضوء كل هذه العوامل أن يكون اليمن فشل في تحقيق الشرعية السياسية وإقامة اقتصاد منتج ومستدام اجتماعياً. وهذا هو السبب في أنه يتعيّن على اليمن أن يبدأ بتطوير خريطة طريق للمستقبل الاّن . فيجب أولاً ،على اليمنيين ضمان انتقال سلس للسلطة السياسية وبناء مؤسسات قوية لفرض القانون ومحاربة الفساد . ويتعين ثانياً ؛ وضع سياسات اقتصادية  سليمة لمعالجة الفقر والبطالة وسوء إدارة الموارد العامة ، تدعمها مؤسسات خاضعة للمساءلة أمام اليمنيين . وبخلاف ذلك قد يكون مستقبل اليمن مقيداً بشدة من جّراء انخفاض الإيرادات الحكومية ، وضعف قدرات الدولة والصراعات الداخلية . ويجب أخيراً ، على المنظومة الإقليمية لمجلس التعاون الخليجي تحديد سبل تحسين الفرص الاقتصادية وفرص العمل لليمنيين ، مثل فتح فرص الوصول إلى أسواق العمل أمام الباحثين عن تاعمل والاستثمار في اليمن ، إذ ستساعد كل هذة الخطوات على جعل مستقبل اليمن أكثر أمناً وستساهم في حل القضايا التي تغذي الاظطرابات الحالية .

ليست هناك تعليقات: