الثلاثاء، 18 فبراير 2014

حالة ؟!!


  






يعتري النفس أحياناً تعب ثقيل يحاصرها من الداخل والخارج يحيط من كل الجوانب وكلما حاول صاحبها البحث عن منفذ صغير عاد نحوها أكثر عجزاً يتأملان بعضهما البعض بمودة عميقة يتبادلان الإشفاق المشترك كتوأمين خلقا معاً مربوطين برباط وثيق فيسقطان معاً صريعين في دائرة التعب المشترك معاً. لا النفس ساعدت صاحبها ولا الصاحب قدم يد المساعدة، يفلتان معاً كل منهما يتفرج على الآخر ويصمتان يظلان يتبادلان نظرة كسيرة لا يعرفان كيف يتوصلان إلى مخرج من تلك الحالة.
 فاقدان ومفقودان معاً تفور المشاعر تلتوي على بعضها.. تفقد اللغة وظيفتها تنعدم الكلمات.. تطل على الوجه تعابير شتى لا هو ولا النفس قادران على حل اللغز المبهم الذي سيطر عليهما.
العيون وحدها التي تستمر في النظر وعلامات مرتبكة ترتسم في مرايا الحدقة متسائلة يفهما الاثنان أنهما في مأزق يؤملان أن مروراً عابراً للحظة زمن ستهزهما وتحرك جمودهما الغريب وتعود النفس إلى مسارها المعتاد ثم تقود صاحبها إلى الهدوء والاستقرار، لكن الزمن يمر بدقائقه الثقيلة يزيد من وطأة التعب تجذب صاحبها معها معلقة بيأس مرير وكابة مرة يظل الاثنان في نفورهما العجيب من حيوية الزمن وتقلبات دوراته.

أسيران يلفهما صمت المتأملين اللذين يشرعان في الإنزلاق التدريجي نحو الجنون ترعبهما تصور الحالة، يتماسكان معاً ويعودان يتبادلان تلك النظرة الباردة فيها مزيج من الشعور بالخيبة والوعيد لا يشعران أبداً أن الأشياء تتحرك من حولهما غير عابئة بثباتهما الجامد وكأنهما صورة معلقة على الحائط مثبتة بالمسامير الثقيلة المغروسة في عرض الجدار.

يتبادلان من جديد نفس النظرة المتسائلة تتمنى أن شيئاً ما لا بد يأتي يجذبهما بقوة إلى دائرة متحركة ومفتوحة بدلاً من ذلك الجمود الذي صلبهما كتمثال لا يتحرك ولا يتصل بالآخرين. حوار ظل يسري بين الأثنان النفس وصاحبها.. حوار بالعين ورعب خفي يدور في كيانهما خوفاً من الإنزلاق إلى حالة الجنون.. وقلقاً محرقاً كأن الصلة الوحيدة التي تربطهما ستنفصل الآن.. أو بعد الثانية التالية.. هزهما دبيب حيوان أليف مر بجانبهما فتبادلا معهما نظرة إنسانية.. امتلأت النفس حيوية تدفقت في شرايينها حركة واندفاع جذبت صاحبها نحوها وعاد الحبور يكلل النظر وكأن شيئاً لم يكن.

ليست هناك تعليقات: